شهد القرن الرابع الهجري إزدهاراً ثقافياً وحضارياً رائعا في شتّي مستويات حياة المسلمين؛ حيث ازدهرت نشاطات علمية وفلسفية وأدبية خاصة في الشرق الإسلامي. في هذه الأجواء نشأت جماعة إخوان الصفا السرية الذين کانوا قائلين بضرورة إدماج الفلسفة اليونانية في الشريعة الإسلامية لغسلها ممّا اعتراها من الجهل والضلالة. فألفّوا أثراً موسوعياً ضخماً يشتمل علي إثنتين وخمسين رسالة ونشروا عقائدهم خلالها واتخذوا القصة وسيلة لنشر عقائدهم بعض الأحيان؛ من أشهرها قصة تداعي الإنسان علي الحيوان في الرسالة الثانية والعشرين. درسنا هذه القصة علي أساس البنية الفکرية والعقائدية لإخوان الصفا والآراء التي طرحوها في تبيين معتقداتهم في شتي مجالات الإجتماعية والسياسية والعقائدية لتبيين رکائز خطابهم في هذه القصة. تبين هذه الدراسة أن خطاب إخوان الصفا في هذه القصة خطاب نقدي يشمل معظم شرائح المجتمع العباسي في القرن الرابع ويرتکز علي رکائز منها النزعة العقلانية، النزعة المثالية، النزعة الصوفية والنقد الإجتماعي والسياسي للمجتمع البشري عامة والمجتمع العباسي خاصة.