محمد خاقاني اصفهاني
المستخلص
إن جمالیات النص الأدبي – التي تتکفل البلاغة بتحلیلها – مستمدّة من جمالیات عالم الوجود. فالجمال صفة الله الجمیل التي تتسع لجمیع ما خلقه، ولابدّ أن یکون الجمال الأدبي نابعا من الجمال الحقیقي في عالم الکون. فـ "نظرية فن البيان البلاغية" تستمد من الخلفيات الفلسفية "للحکمة المتعالية" لتحاول إيضاح طبیعة العلاقة بین جمال الخلق (علم ...
أكثر
إن جمالیات النص الأدبي – التي تتکفل البلاغة بتحلیلها – مستمدّة من جمالیات عالم الوجود. فالجمال صفة الله الجمیل التي تتسع لجمیع ما خلقه، ولابدّ أن یکون الجمال الأدبي نابعا من الجمال الحقیقي في عالم الکون. فـ "نظرية فن البيان البلاغية" تستمد من الخلفيات الفلسفية "للحکمة المتعالية" لتحاول إيضاح طبیعة العلاقة بین جمال الخلق (علم الوجود) وجمال النصّ الأدبي. أحاول عبر المنهج الوصفي التحلیلي أن أثبت هذا في مشروعي البلاغي الجدید المسمی بـ "نظرية فنّ البیان البلاغية" معتمداً علی سبعة أصول حاکمة علی نظام الکون، تتجلی في نظام اللغة والأدب، وتسبّب جمال النصَ الأدبي تبعاً لسنن الجمال في نظام الوجود. دفعني إلی ابتکار هذا المشروع الجديد عجز المنظومة البلاغية العربية التي تبلورت مع السکاکي في القرن السابع الهجري في کتاب مفتاح العلوم عبر ثلاثيتها المعاني والبیان والبدیع، کنظرية بلاغية رسمية حکمت بدون منازع لقرون طویلة، وعجزت عن تحليل الأنواع الأدبية المستحدثة، في اصطدامها بتیارات أدبية جديدة، ومدارس نقدية حديثة. في نفس الوقت، ماتت البلاغة الکلاسيکية في الغرب، وحلّت علوم لسانية ونقدیة حدیثة محلها. أما المسلمون والعرب فاحتاروا في أخذ موقف واضح أمام ما حصل في الغرب، وانقسموا بین رافض للبلاغة التقليدية ومؤید لها بحماس. وقد جرت محاولات تجدیدية بین العرب لتفادي نقائص البلاغة التقليدية، لکنهم لم یفلحوا في تشکیل منظومة بلاغية تلبّي حاجاتهم.